,

رضيت بالاسلام دينا

995.00د.ج

رضيت بالإسلام دينا من الثقافة الإسلامية العامة عنوان الكتاب: رضيت بالإسلام دينا المؤلف: صالح أحمد الشامي الناشر: دار القلم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فعن رجل من الصحابة رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ، وَحِينَ يُمْسِي: رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإسْلاَمِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم- نَبِيًّا، كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَة» (صححه لغيره محقق العمل للنسائي، ومحقق صحيح الأذكار وضعيفة). وهذا الحديث جاء من حديث المُنيذر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «من قال إذا أصبح: رضيتُ بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم نبياً فأنا الزعيم لآخذنَّ بيده حتى أُدخِلَهُ الجنَّةَ» (رواه الطبراني، وحسَّنه الألباني). معاني ألفاظ الحديث: 1- «رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا»: يعني قنعت به واكتفيت، فهو ربي ومعبودي. 2- «وَبِالإسْلاَمِ دِينـًا»: أي رضيت به دينـًا ألتزم بتعاليمه وأطبق شريعته، ولم أسعَ في غير طريقه. 3- «وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا»: أي رضيت به نبيًا رسولاً، ورضيت بطاعته والتزام شريعته. الشرح: الله تعالى هو الإله الحق، والرب الحق الذي لا تنبغي الألوهية والربوبية إلا له وحده لا شريك له، وما سواه من الآلهة والمعبودات فباطلٌ زائلٌ؛ فهو المعبود بحق، وكل ما دونه باطل. ولقد دلل الله سبحانه وتعالى على ذلك بالأدلة الواضحة والبراهين الظاهرة في أكثر من موضعٍ من القرآن الكريم كقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ . فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس:31-32]، وقال تعالى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ . قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس:34-35]. وفي هذا الذكر المبارك من أذكار الصباح والمساء يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإسْلاَمِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم نَبِيًّا». والرب: هو الخالق الرازق القائم بكل شئون خلقه. وهو الملك: لكل ما في الكون المُصَرِّفُ لكل شئونهم، والمُصلِحُ لأحوالهم. وهو السيد: المطاع الذي لا تنبغي الطاعة المطلقة إلا له. فربُنَا جلَّ ثناؤه: هو السيد الذي لا شبه ولا مثل في سؤدده، والمصلح في أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه، والمالك الذي له الخلق والأمر، وهو المربي الذي رباهم بنعمه. يقول العلامة السعدي رحمه الله: “الرب: هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم، وأخص من هذا تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم؛ ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة…” انتهى. وهذا خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم وأمته يدعون ربهم بهذا الاسم العظيم قائلين: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:286]. بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الله عز وجل بهذا الاسم المبارك كثيرًا؛ فمن ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم في سيد الاستغفار: «اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، اغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ» (رواه البخاري)، وفي صلاة الليل كان يستفتح صلاته صلى الله عليه وسلم بهذا الاسم العظيم في دعائه فيقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ» (رواه مسلم). بل كان في أشد الظروف وأحلك المواقف يدعو الله -عز وجل- بهذا الاسم العظيم فها هو في دعاء الكرب يدعو ربه بقوله: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ» (متفق عليه). والمتأمل لمعاني الربوبية: يرى أن الله سبحانه وتعالى يرعى العباد ويُربِيهُم في أحوالهم وأطوارهم المختلفة، فهو المُبَلِّغُ كلَّ ما أبدع حدَّ كمالِه الذي قدَّره له، ألم تر كيف يسل النطفة من الصلب ويجعلها علقة، والعلقة مضغة، ثم يجعل المضغة عظامًا، ثم يكسو العظام لحمًا ثم يخلق في البدن الروح ويخرجه خلقـًا آخر، وهو صغير ضعيف، فلا يزال يُنَمِّيه ويُنشئه حتى يجعله رجلاً، ويكون في بدء أمره شابًا ثم يجعله كهلاً ثم شيخاً؟! وهكذا كل شيء خلقه فهو القائم عليه به، والمُبَلِّغ إياه الحدَّ الذي وصفه وجعله نهايةً ومقدارًا له فتبارك الله رب العالمين. ومن عرف ذلك لم يطلب غير الله تعالى ربًا وإلهًا، بل رضيَ به سبحانه وتعالى ربًا وإلهًا، ومن كانت هذه صفته ذاق طعم الإيمان وحلاوته، وفاز برضا الله، وجنته قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا رَسُولاً» (رواه مسلم). والرضا بالله ربًا يتضمن الرضا بألوهيته فمن رضيَ بالله ربًا على الحقيقة لا بمجرد الادعاء؛ فإنه ولا شك لا يرضى بغيره إلهًا، ولأن من معاني الربوبية السيادة، والأمر، والنهي، وحق الطاعة على جميع الخلق فلا يصح في الفِطَرِ السليمة أن يُعبد غير الخالق سبحانه وتعالى، قال تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54]، فالألوهية مرتبطةٌ ارتباطٌ وثيقٌ بالربوبية، فمن خلق هو من يستحق أن يُعبد، وسبحان الله العظيم

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “رضيت بالاسلام دينا”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Shopping Cart
Scroll to Top